محاكمة قتلة خالد سعيد - الجلسة الأولى

الساعة الثامنة صباحًا : 

الكل متجمع أمام مجمع المحاكم ، الأمن يحوِّط المكان كالعادة و هتافاتنا العادية يتردد صداها في المكان

مأجورو الداخلية يقفون أمامنا بلافتاتهم الملونة و كلما حاولوا التكلم أو الهتاف نصرخ جميعنا " باطل .. باطل "

فيسكتون .. و يسكتون لسبب طبيعيّ جدًا .. من يعمل مأجورًا سيأتي رد فعله مختلفًا  عن من يعمل لقضية ..

الساعة التاسعة :

نري أم و أخت الشهيد خالد يدخلان المحكمة .. و هتافاتنا تدعو لأمه و تؤازرها ...

تمر ساعتان ما بين هتاف و سكوت و جلوس و وقوف .. و توزيع ورق ..و قراءة ورق  و تهوية بالورق و تغطية بالورق لأجل الحر !

الساعة الحادية عشرة :

تخرج والدة خالد و أخته و يعلو صوت هتافنا لها ..

يصلنا خبر تأجيل القضية ل 25 -9

تستمر هتافاتنا و يعلو صوتها ثم فجأة نجد مأجوري الداخلية يعلو صوتهم هم الآخرين يصفوننا باليهود هتافات لا معنى لها في هذا الموقف  ما معنى أن تهتف " خيبر خيبر يا يهود جيش محمد سوف يعود " هنا..

صورة الإخوة المأجورين

تحدث مشاداة بيننا و بين المأجورين .. يهتفون هم بعباراتهم اللامفهومة و نرد عليهم ب " بص شوف العميل أهوه "

يحاولون إضفاء المصداقية على هتافاتهم بحمل أحد المأجورين على كتف مأجور آخر ليهتف فيهم ..

و اتباعًا لـ " و أعرض عن الجاهلين " ندير وجوههنا و نكمل هتافاتنا بعيدًا عن غيهم ..

ثم تأتي بعض الاشتباكات  مع عساكر الأمن المطوقين لنا  .. الكل يرجع للخلف .. الفتيات يتراجعن و يتقدم الشباب مشكلين حزام أمن للفتيات ..

نلاحظ اختفاء الإخوة المأجورين بمجرد بدء الاشتباكات مع الأمن

ثم تنتهي الاشتباكات  و نكمل الهتاف ..  نتعاهد على اللقاء مرة أخرى يوم 25 - 9

تعلو أصواتنا بالنشيد الوطني ثم نرفع أيدينا لنقرأ الفاتحة و نستعد للانصراف

لكن كيف ننصرف و جدار سمكه أربع طبقات من عساكر الأمن يطوقنا .. يشير الجميع إلى فتحه صغيرة في الجدار .. و نجدهم يخرجون الفتيات واحدة واحدة

هل انتهى الامر ؟ لا لم ينته .. لأن الفتيات خرجن و مازال الشباب في الداخل .. يعدوننا بإخراجهم إذا رحلنا ..

لكن أين المنطق هنا ؟ ما يدريني ما ستفعل بهؤلاء الشباب .. 

جئنا معًا و سنرحل معًا .. كان هذا هو تفكير كل فتاة منا حينما جلسنا على أرض الشارع منتظرين أن يخرج بقية الشباب ..

بعض الشباب خرج و البعض مازال في الداخل .. لكننا مازلنا منتظرين ..

و الآن يأتي دور البلطجية .. فجأة ترتفع الشتائم و يتدافع الناس و يسقط اليعض و تبكي الفتيات .. و يتشابك الشباب مع البلطجية .. و كلنا نجري في اتجاه الجندي المجهول ..

كنا سننتظر عند الجندي المجهول .. لكنهم يظلوا يدفعوننا .. لعبة عسكر و حرمية انقلبت إلى لعبة بلطجية و مدنيين

المرة الأولى التي أحضر فيها وقفة و يحدث تشابك مع الأمن .. يتدخل عساكر الأمن هنا مع البلطجية .. وجدتهم يمدون عصيهم لكني لا أستطيع الجزم بأنهم ضربوا أحدًا

الضرب و السب كان دور البلطجية .. و لم يكن هناك تفريق ما بين شاب و فتاة رجل و امرأة .. عجوز و شاب .. الكل يُضرب الآن .. 

وجدت أحدهم يدفعني في اتجاه الحائط .. و كنت في حالة من اللاوعي فلم أصدق .. صرخت في وجهه و لم أعرف ما أقول سوى " ليه ؟ "

يأتي واحد آخر و يدفعني مرة أخرى نحو الجدار .. جرينا كلنا و تشتتنا و عندما تشتت الكل وجدنا البلطجية يكتفون بالسباب فقط .. قليل الأدب بيشتمني و أنا مش عارفة أرد عليه .. أبو لسان طويل بيطول لسانه علىّ و أنا مقدرش أرد عليه ..

ثم رحلت ..

----

أنا لم أكتب الكلام السابق لأسمع موّشحات " أنتوا بنات و مينفعش تطلعوا " .. أو " أنتوا بنات و تقعدوا في البيت "

إحنا بنات و مواطنين مثل أى مواطن آخر .. لنا الحق جميعًا في الاعتراض ..

و الخطأ ليس منا الخطأ منهم .. و إن كانوا يظنون بأن هذا سيوقفنا .. فذلك لن يحدث ..

تواجد الأمن أصلًا خطأ .. فما بالك بتواجد بلطجية أو مخبرين متنكرين أو  أيًا كان الاسم الذي يطلقونه على هؤلاء المخلوقات 

إلى هؤلاء الذين لم يشاركوا .. إلى هؤلاء اللاتي لم يشاركن .. أنتوا عملتوا إيه ؟

لكل شخص طريقته في الاعتراض و لكل شخص طريقته في عدم السكوت .. محامو مركز النديم يدافعون عن القضية الشباب الآخرين يعترضون و يبقون القضية حية ..

 و أتفهم تمامًا أنك و أنكِ لا تريد/تريدين الحضور .. لكن أقنعني / أقنعيني بطريقة ما أنك فعلت/فعلتِ  تفعل / تفعلين شيئًا للاعتراض على ما حدث ..

و بالله عليكم بالله عليكم .. لا أريد سماع الرد السخيف المعتاد .. أنا طالب و بذاكر و الا أنا مهندس و بحسن من نفسي و الا أنا دكتور و بأدي واجبي

الكلام السابق جميل و رائع لكن في الأوقات الطبيعية حينما تكون البلد وصلت لمستوى يجعل ذلك الفعل فقط يؤدي إلى نموها ..

لا أظن أن ما تفعله سيؤدي إلى نمو أى شئ إذا كنا نُضرب في الشوارع .. و لا أظن أنك ستكون مفيدًا جدًا بعلمك إذا حدث لك مثل خالد أو عبد الرحمن أو الأسماء الكثيرة التي تعذبت ..

نحن وصلنا إلى وقت الكل يجب أن يشارك في الاعتراض .. و عملك الطبيعي و محاولتك لتنمية بلدك بهذه الطريقة ليس كافيًا ..

الحديث السابق موجه للفتيات أيضًا .. أرجوكِ أرجوكِ لا تهمِّشي نفسكِ

بالمناسبة : أبسط شئ هو الحديث عن القضية لمن لا يعرفها  إذا كنت لا تريد حضور المظاهرات .. لكن فائدة المظاهرات أنها تجعلك "في الجو " و تزيد إحساسك بأنك لست وحدك ..

آه و بالمناسبة .. من يزال على اصراره بترك القضية لعدم تأكدنا من براءة خالد أو لا .. هناك ألف رد و ألف دليل يؤكد خطأ الادعاءات ..

و عدم التأكد من شئ يأتى نتيجة له البحث في أصل الشئ حتى الوصول إلى دليل يدعم جانب من الجوانب .. إما جانب المأجورين  - و ربما إذا وجدت دليلًا و دافعت عنه يزيد هذا من  مصداقيتهم قليلًا - أو جانب الشباب المعترضين ..

لا يوجد جانب آخر .. إلا إذا كنت تفضل أن تكون من هؤلاء الذين كانوا يتابعون المسرحية أمام البحر بدون توضيح لأى جانب يكون ولائهم .. أو هؤلاء الذين يقفون في البلكونات يتابعون مسلسل المظاهرات المعتاد ..

عدم التأكد من قضية لا يبرر إطلاقًا ترك القضية برمتها ..

أسألكم الدعاء لنا ..