Monday, 20 March 2017

ذلك الفتى الأزهري

كان يكبرني بنحو الأربعة أعوام ... يحفظ القرآن كاملًا .. و عندما كنت أبدأه السلام كان يمتنع عن الرد قائلًا :
"رد السلام على الفتاة الشابة غير مستحب "
و مع ذلك فقد كان يمزح معي بأريحية و بساطة ...
منه تعلمت الكثير ، كان دقيقًا للغاية في لغته العربية ... كان يكتب كلمة "محشي" كـ "محشو" للدقة اللغوية ...
 يدقق على أشياء لم أر غيره يدقق فيها كالهمزات  مثلًا... و في هذه الفترة لم أحب العربية الفصحى إلا في كتاباته ...
و عندما كنت أكتب شيئًا كان يخرج علىّ بتقرير لغوى للأخطاء سواء كانت نحوية ، همزات أو علامات ترقيم ... الأمر الذي دفعني لأن أبحث في كل الكتب التي أمتلكها عن كيفية كتابة الهمزات حتى أغلبه في لعبته .
ابتدأ كتاباته بقصة قصيرة - و مع أنها كانت منقحة لغويًا بشدة - إلا أن الجميع انتقدها لانعدام الهدف و الحبكة فيها ...
و لكنه سرعان ما تحسنت كتاباته ... مدحه الجميع ... بما فيهم دكتور أحمد خالد توفيق نفسه.
كان له مدونة يكتب فيها ... كنت أتابع التعليقات عليها و وجدت كلمة لا افهم معناها ... و عندما سألته عن المعنى أجابني و كأنه يصرخ :
- أنتِ جبتي الكلمة ديه منين ؟.
أجبته أنها من مدونته !
- كلمة عيب يا نانا  .. كلمة عيب !
و عندما سألته عن سبب تركه للتعليق إذا كان يحتوي على "كلمة عيب" ... أجابني بأنه يؤمن بحرية الرأى !
كان يرسل لى مقالات غريبة عن مواضيع يقرأ فيها ... أعني ما هى البراجماتية هذه ؟!

و انقطعت أحاديثنا لثلاث سنوات تقريبًا ... و منذ سنة أو ما يزيد خطر لي أن أبحث عنه على الفيسبوك
و ما إن وجدته  حتى
-------

وجدت  القطعة السابقة في الآرشيف، لا أذكر لِم لم أكملها أو أنشرها، لكنني أتذكر جيدا ما كنت أريد قوله عن كيفية تغير هذا الشخص من حال إلى حال.
الغريب أنني نفسي الآن أتغير إلي  آخر و لا آدري أى الحالين أفضل و لا أريد الفصل في ذلك.

كنت أريد كتابة بعض الكلام المحفوظ هنا عن أن التغيير هو سنة الحياة لكنني لن أصدع رأسك به، و أكتفي بالسلام على كل من حكمت عليه حتى و إن كتمت في نفسي.