Wednesday, 18 May 2011

اللعنة !

العنوان لا يمت لما سأكتبه بصلة ... الحقيقة أني لم أجد عنوانًا يناسب ما سأكتب الآن ... ﻷنه ببساطة الكلمات التي سأكتبها الآن هى نفسها لا تمت ببعضها بأية صلة ... حسنًا ... لتفهم ما أعني سأعقد معك اتفاقًا ... أنا سأكتب الآن بلا توقف ... لن أمسح كملة كتبتها .. سأكتب ما يجول بخاطري و لن أتردد في نشره  ... و ﻷني عادة ما تتضارب أفكاري في نفس الثانية ... فستجد تضاربًا هنا ... و ﻷنني عادة ما أتنقل ما بين عشرات المواضيع في نفس الثانية ... فلن تجد أية علاقة ما بين سطر و آخر إلا أنهما و بمعجزة ما فكرت فيهما في نفس الوقت ...
أنا الآن لست في حالتي الطبيعية ... أنت لا تريد التحدث معي الآن ... لا ... أنا أبعد ما يكون عن العصبية ... في الواقع كان البعض يصفني بالبرود عندما كنت في الثانوية ... لا أعرف إذا كنت مازلت باردة المشاعر حتى الآن ... لكنني لست عصبية .. لست من النوع الذي يصرخ  ( يصرخ ... كم أود أن أمسح هذه الكلمة ... لا أريد أن أجعل شخصًا يتخيلني و أنا أصرخ ... لكن أنا وعدتك أني لن أمسح أيًا مما كتبته ... و أنا أفي بوعدي الآن ) ...المهم ... أنا لست ممن يتخلص من مشاعره بالصراخ ....و إن كنت أتمنى أن أفعل ذلك ... لكني لا أفعل .

هناك كلمة كنت أرددها دائمًا 
your life isn't a movie , so stop acting like you're in one !
ﻷحمد خالد توفيق مقولة لا أذكرها بالضبط ... لكنه كان يعني أنه يتمنى الحياة قبل أفلام الحب ﻷنه يريد أن يعرف كيف يكون الحب بدون أن يؤثر عليه الفيلم .

كنت أظن أنني لست كذلك و أنني أعيش مستقلة بدون أى تأثير من الأفلام علىّ ... لكن يبدو أنني لم أسلم من ذلك التأثير ... و .. لا .. أنا لا أعني أفلام الحب ... لو أردت رأيى في الأفلام الرومانسية فأجدها كلها متشابهة ... من الغباء أن تشاهد فيلمًا و أنت تعرف نهايته ... و أنت تكمل نهاية كل جملة يقولها البطل للبطلة ... و ربما تأخذك الحماسة لتجد نفسك تتنبأ بما سترد به البطلة ... لا هذا غبى للغاية ...
أنا أتكلم عن الأفلام ... كلها ... من الطبيعي أن كل إنسان يتصرف بناءًا على خبرته في هذه الدنيا ...مثلًا ... عندما تقابل شخصًا جديدًا ستقارن ما بين صفاته و صفات أشخاص آخرين تعرفهم ... ربما أيضًا تجد نفسك تخبره بأنه يشبه شخصًا تعرفه ... هذا طبيعي ... ماذا لو كنت ممن يتفاعلون مع الفيلم الذي تشاهده لدرجة أن تضع نفسك مكان أحد شخصيات الفيلم ... و بالتالي فإن كل ما حدث في الفيلم يعتبر من خبراتك أنت ... فيصبح كل شخص باهت البشرة في الشارع مصاص دماء ... و يصبح كل رجل  كثيف دهني الشعر أسوده مايكل كورليوني ... و يصبح كل رجل تصطدمين به مصادفة في الشارع زوجك المستقبلي !
اللعنة !
هذا يعني أنك لن تعيش حياتك على الإطلاق ... إذا كنت تعرف ما سيحدث بعدها ... أو ... الأسوأ من ذلك أن يصبح بطل الفيلم قدوتك ... فتقلد ما فعله في ذاك الفيلم ... 
هناك رواية لتوفيق الحكيم تقريبًا ( لا أتذكر و لن أكلف نفسي البحث عن الكتاب ﻷتذكر صاحب الرواية ) ... المهم أن هناك رواية تتحدث عن شخص يكتشف آلة الزمن ... و أنه كلما جرًبها أحدهم ينتحر ... و عندما أمسكوا بأحد مجربي الآلة قبل انتحاره أخبرهم أنه لا يحتمل أن يعيش في حياة يعرف نهايتها ...
اللعنة !
ها أنا أفعلها مجددًا الآن ... أقارن الحياة برواية ... 

ربما أيضًا تعيش اسود أيام حياتك ﻷن القصة الخيالية التي حدثت في الفيلم لم تحدث لك بحذافيرها ... أو لم تحدث لك على الإطلاق ...
إذن إن عشت حياتك وفقًا لفيلم ... هذا سئ كفاية ... إن عشت حياتك وفقًا لفيلم رومانسي ... فأؤكد لك أن حياتك ستكون أسود من قرن الخروب لو جاز لي التعبير ... الأكثر مللًا من أن تشاهد فيلمًا رومانسيًا هو أن تستمع/تراقب اثنين حديثي الخطوبة .. لا أعرف إن كانا يشعران بالملل في حديثهما/حركاتهما المملة المتوقعة المقلدة السخيفة ! 
"too many adjectives ! ..."  -  said Jane Austen in the movie (Becoming Jane ) , The movie describes the life of the English author Jane Austen ... she said it when she
was writing her thoughts about Tom Lefroy describing him using too many adjectives .. 

الكلام السابق هو ما فكرت فيه عند كتابتي للجملة السابقة ... من الأصل كتابتي للجملة السابقة مستوحاة من أكثر من شخصية في أكثر من فيلم تصف ما تكرهه بالكثير من الصفات المتلاصقة التي تحمل نفس المعنى ...

هل يكون الفيلم انعكاسًا للحقيقة ... أم تكون الحقيقة انعكاسًا ﻷحد الأفلام ... أم أن الاثنين اختلطا فلا تعرف أيهم الفيلم و أيهم الحقيقة ... و من هنا لا تستطيع الحكم على تصرفاتك ..هل هى تصرفاتك أنت فعلًا ؟ أم أنها تصرفات شخص آخر ... في فيلم آخر ...
اللعنة !

عادة ما أكون في أكثر حالاتي انتاجية عندما أكون في هذه الحالة العصبية ... أجد نفسي أنهى ما أفعله بسرعة ... أرى أشياء كثيرة لم ألحظها ... أعني .. أن أكتب هنا بعد انقطاع دام ... مممم ... كثيرًا ... هو إنجاز .. أليس كذلك ؟
مارك زوكربيرج أنشأ فيسبوك في أسوأ حالاته ( طبعًا سمعتها في الفيلم الذي يحكي قصة الرجل ... و لن أكتب اسمه ﻷن هناك شئ لن أكتب اسمه يشوه شكل السطر عندما تكتب بلغتين مختلفتين في الاتجاه في نفس السطر ! )

أظن أن هنا  تأتي نهاية هذا المقال/البوست/أى كلام .. الغريب منعدم الفائدة ...
يجب أن أذهب الآن ﻷكمل حياة مستوحاة من حياة العديد من الممثلين في العديد من الأفلام !
دمتم بود !


Sunday, 15 May 2011

نكبة 48 ... سنعود

في 14 مايو 1948 أعلن انتهاء الانتداب البريطاني في فلسطين ... و في اليوم التالي 15 مايو 1948 أّعلن قيام دولة إسرائيل.


اليوم مرت 63 عامًا على هذا الإعلان ... و خلال 63 عامًا ردد الناس حلم العودة ... و احتفظ الفلسطينيون بمفاتيح بيوتهم التى هدمت على أمل العودة ... هؤلاء الذين كانوا يحلمون  منذ 63 عامًا .. مات بعضهم ... بعضهم كان يرددها كلمات ... بعضهم تخلى عن فلسطين و صار يرددها غزة ... و لكن الأوضاع ظلت كما هى .. من سئ إلى أسوأ

لـ أحمد مطر قصيدة يقول فيها :


هَـرِمَ الناسُ .. وكانـوا يرضعـونْ
عندما قال المُغنّي : عائـدون .
يا فلسطينُ ومازالَ المُغنّي يتغنّى
وملايينُ اللحـونْ
في فضـاءِ الجُـرحِ تفنى
واليتامـى .. مِن يتامى يولـدونْ .
يا فلسطينُ وأربابُ النضالِ المدمنـونْ
سـاءَهمْ ما يشهـدونْ
فَمَضـوا يستنكِرونْ
ويخوضـونَ النّضالاتِ
على هَـزِّ القناني
وعلى هَـزِّ البطـونْ !

عائـدونْ
ولقـدْ عادَ الأسـى للمـرّةِ الألفِ
فلا عُـدنا ..
ولا هُـم يحزنـونْ !



اليوم أصبح حلم العودة قريبًا جدًا ... اقترب كما لم يقترب يومًا ...


يقول الإمام الغزالي


إن زوال إسرائيل قد يسبقه زوال أنظمة عربية عاشت تضحك على شعوبها، ودمار مجتمعات عربية فرضت على نفسها الوهم والوهن، قبل أن يستذلها العم أو الخال، وقبل أن ينال من شرفها غريب .. إنه لا شيء ينال من مناعة البلاد, وينتقص من قدرتها على المقاومة الرائعة كفساد النفوس والأوضاع،  وضياع مظاهر العدالة، واختلال موازين الاقتصاد، وانقسام الشعب إلى طوائف، أكثرها مُضيع منهوك، وأقلها يمرح في نعيم الملوك .

-----------------

  أجد أن مشاعري ناحية القضية الفلسطينية تنقسم إلى قسمين ... شوق للأرض ... حب للفلسطينين ... و كراهية شديدة للصهاينة .. و منذ سنة كنت قد ذكرت ما يزكي العاطفة الأولى ... حب الأرض و الشوق إليها بمعرفة تاريخها
هذه السنة أزكي العاطفة الثانية ... كره الصهاينة ... الكلمات القادمة هى جزء من رواية ( ابتسامة على شفتيه ) ليوسف السباعي ... الجزء المقتبس يروى مشهدًا من مذبحة دير ياسين
 
وقعت مذبحة دير ياسين في التاسع من إبريل سنة 1948 ... المذبحة التي يفتخر بها الصهاينة لفرار الفلسطينيون من أرضهم بعدها مرددين " دير ياسين ... دير ياسين .." ... المذبحة التي حدثت بعد أسبوعين من توقيع معاهدة سلام مقدمة من  رؤساء المستوطنات اليهودية المجاورة والتي وافق عليها أهالي دير ياسين .

مقتبس من ( ابتسامة على شفتيه ) لـ يوسف السباعي
----------------------
و فجأة .. وثبت إلى ذاكرته صورة .. لا تريد أن تمحى منها .
صورة تأبى أن تبهت أو تضمحل من زمن بعيد .. بعيد .
و هو لم يزل بعد طفلًا ، و هم يعيشون في بيتهم خارج القدس .. فى دير ياسين .
استيقظ على انفجار مروع .. هز جدران البيت .
و أقبلت عليه أمه جزعة و ضمته إليها ..
و من الغرفة المجاورة أقبلت خالته زهرة و هى تجر ابنتها مى في يدها و هى تصرخ باكية .
و كانت خالته حاملًا .
و من الحديقة أقبل أخوه الأكبر محمود يصرخ فزعًا و هو يصيح :
- اليهود يهاجمون البلدة 
- من قال لك ؟
- عم ابراهيم البقال.. و قال لي اختبئ لأنهم يقتلون من يقابلهم .
و كان أبوه و زوج خالته قد غادرا البيت كل إلى عمله .
و ازداد صوت الانفجارات .. و أخذت تقترب من البيت .
انفجار ..يتلوه انفجار و الطلقات تتوالى .
و في ارتياع جمعتهم أمه في إحدى الحجرات .
و سمع أصوات صرخات .. ثم ضجيجًا و صوت أقدام كثيرة تقترب من البيت .. و باب الحديقة يدفع ..و أصوات أقدام تتزاحم في الحديقة ..و باب البيت يقتحم .. ثم أقدامًا تصعد الدرج..
و أسرعت أمه تجمعهم وراء ستار باب الشرفة العريضة .. و طلبت منهم أن يكتموا أنفاسهم حتى يغادر اليهود المنزل .
و سمعت أصوات الأقدام تجول داخل الحجرات و أشياء تتحطم .. و ازداد اقتراب الأقدام .. و دخل أحدهم الحجرة .. ثم صاح :
- لا أحد هنا
و هم بالخروج .
و فجأة صرخت الصغيرة مى و هى تمسك بيد أمها . و توقفت أقدام الرجل .. ثم اقترب من الستارة و بطرف السنكي في يده أزاحها و نظر إليهم و هو يهز رأسه و يهتف ساخرًا :
- إذن فأنتم هنا 
كتم الجميع أنفاسهم و قد أصابهم الرعب .. و عاودت مى الصراخ ..
و أشار لهم رجل العصابات الصهيوني بطرف السونكي المعلق في البندقية قائلًا 
- اخرجوا 
و جمد كل منهم في مكانه فلم يستطع حراكًا .. و أخذ الرجال المسلحون في التدفق في الحجرة و وقفوا يراقبون المرأتين و الطفلين و كأنهم حصلوا على كنز ثمين .
و صاح الرجل الذي عثر عليهم :
- أين الرجال ؟
- التقطت أم عمّار أنفاسها ثم ردت :
- خرجوا
- إلى أين ؟
- إلى أعمالهم .
و صاح الرجل بزميل له :
- ارفع الستار فقد يكونون مختبئين وراءه .. و خذ حذرك ..
و عاودت مى الصغيرة صراخها و هى على كتف أم عمار ..
و أحست الأم الحامل بالغثيان و أمسكت بطرف الستار حتى لا تقع.
و أحس عمّار بالغيظ من مى و هى تمعن في صراخها .
لماذا تصرخ هذه الحمقاء الصغيرة .. لقد كانت هى السبب في اكتشاف الرجال لمخبئهم و هى ما تزال تعاود هذا الصراخ الغبيّ .
و رفع عمار بصره إليها و صاح بها :
- اصمتي لماذا تصرخين ؟!


و ازدادت مى صراخًا ...
و اقترب أحد الرجال من عمار و ضربه بطرف السونكي في كتفه و قال له ساخرًا :
- و مالك أنت بها ؟
و اندفع أخوه محمود نحو الرجل يضربه بقبضته الضغيرة .
و اندفعت أم عمار تبعد طرف السونكي عن كتفه و صاحت بالرجل :
- ابعد عنه
و بركلة عنيفة أزاح الرجل محمودًا بقدمه ثم اقترب من أم عمار قائلًا في سخرية :
- إذن فأقترب منكِ أنتِ ؟
ثم دفع السونكي إلى صدرها و شق ثوبها
و اندفع عمار صارخًا و أمسك بساقي الرجل و حاول أن يعضه و لكن الرجل ركله بقدمه ركلة أسقطته على الأرض .
و جذب الرجل مى من كتف أم عمار و قذف بها على الأرض .
و صرخت أم مى و اندفعت إلى الرجل غاضبة تحاول أن تمسك بخناقه ..
و ببساطة تلقاها الرجل بطرف السونكي مصوبًا إلى بطنها المنتفخ و بكل ما يملك من قوة دفعه إلى داخل بطنها و هو يقول في استخفاف :
- لا داعي للمزيد من نسلكم ... لست أدري لماذا تتكاثرون بهذه السرعة 
و بقر السونكي بطن المرأة الحامل و سقطت المرأة تتلوي و قد خرج كل ما في باطنها .
و قفز محمود نحو الرجل و قبل أن يصل إليه انطلقت رصاصة من فوهة إحدي البنادق فاستقرت في رأسه ... و علت من شفتيه صرخة ثم هوى إلى الأرض و الدماء تغرق وجهه.
و صرخت أم عمار و سقطت مغشيًا عليها ..
و عاودت الصغيرة مى صراخها و هى تزحف على الأرض .
و جمد عمار في مكانه مشدوهًا ... منظر عجيب .. لا تستطيع السنون أن تمحوه من الذاكرة .. لم يطف بذهنه أن بطن الإنسان يمكن ان يحتوي على كل هذه الأشياء حتى رأى خالته تتلوى على الأرض و كل شئ قد تدلى منها ... الأمعاء و الجنين .
و لا خطر بباله أن هذه الرصاصة الصغيرة التى تنطلق من فوهة البندقية يمكن أن تستقر في رأس إنسان فترديه قتيلًا حتى أبصر أخاه يتلوى على الأرض ثم يستقر جثة هامدة .
فظيع ... فظيع


و الرجال يضحكون .. يقهقهون ... كأنما يرقبون منظرًا مضحكًا على خشبة المسرح ..
و الدماء تتدفق على الأرض و تسيل ببطء حتى تصل إلى موضعه فيحس بها لزجة ساخنة تحت كفه .
و من الخارج تتعالى الانفجارات .. و الصرخات .
و تلفت الرجل إليه ثم ركله بقدمه ركلة عنيفة حملها بقية ما يطويه من حقد صائحًا :
-كلاب 
و بصق .. ثم قهقه .
و غادر الغرفة تسبقه خطوات زملائه على الدرج.
و نهض عمار ينقل أقدامه الصغيرة العارية وسط الدماء ... و أشياء كثيرة حمراء تتدلى من بطن خالته ... و أخوه قد تقوس جسده و غطت الدماء وجهه ... و أمه راقدة ... و قد فغرت فاها و أسبلت عينيها ... و الصغيرة تحبو وسط الدماء ... و قد تلوثت ثيابها و كفاها و وجهها ... تسعى فزعة إلى أمها التي أفرغ الهمج جوفها .
لو استطاع أن يقضم رقبتهم أو يبقر بطونهم ... لقد حاول أن يعض أحدهم و لكن ركلته كانت أقوى من أسنانه.
لو أن أباه هنا ... لعرف كيف يريهم .
أو زوج خالته !! لماذا خرج كلاهما ؟
و فجأة سمع صوت أبي مى .. كان يصيح مهددًا ... شاتمًا .. صارخًا ..
إنه لابد سيقتلهم .
سيشق بطن أحدهم كما فعلوا بخالته.
و سمع عمار طلقة ... ثم أعقبتها صرخة .. و صوت شئ ثقيل يرتطم بالأرض.
و لم يعد يسمع صوت أبي مى ... ربما كان منهمكًا في قتل الباقي .. و شق بطوهم.
و لكنه عاد يسمع صوت القهقهة .. قهقهة الجمع .. الذين يشاهدون المسرحية الهازلة .
و تعاقبت أصوات الأقدام على الدرج .. و في الحديقة .. و رويدًا ..رويدًا .. ساد السكون في الدار.
إلا من صراخ الصغيرة في الداخل .. و الانفجارات في الخارج و تتوالي الصورة في ذهنه.
و يذكر بعد ذلك أباه و هو يحمله على كتفه .. و أمه تحمل مى الصغيرة .. و مازال صراخها يتعالى .. و يسيرون في درب ضيق فوق سفح الجبل .. تاركين وراءهم جثثًا ملقاة على الطريق .. شيوخ و أطفال و نساء .. و لم يعد منظر أخيه و خالته غريبًا على عينيه فقد امتلأت الطرقات بأمثاله .. و في الميدان جردت النساء من ثيابهن .. و حولهن فوهات البنادق .. و القهقهات الساخرة .. و رجالهن جثث .. تطؤها النعال.
أشياء مروعة خلفها مراءه.
سماها الناس بعد ذلك مذبحة دير ياسين ... قريتهم الهادئة الطيبة .. و وصفوا فظائعها .